المسك

موقع اخباري منوع

ترند اليوم: البيت الأبيض منفتح على التلاعب بأشعة الشمس لمنع تغير المناخ

مسك- متابعات عبر الصحف الإلكترونية:

«كاوست» تسخّر آلية دفاعٍ جينومية كعلاجٍ بشريّ محتمَل

برزت في السنوات الأخيرة مجموعة من أدوات التحرير(القصّ) الجيني الجديدة التي تسمى تقنيات الجينوم الجديدة، التي تتيح ما يسمى «الإسكات الجيني» الذي يعني إيقاف الجين بواسطة أي آلية غير التعديل الجيني، ويلجأ إليه العلماء لمنع تشكيل البروتين الذي يشفره الجين المحدد، بهدف إيقاف التعبير الجيني المَرَضيّ لإصلاح أي خلل، واستبدال نسخة سليمة مطابِقة للجين الموجود لدى الأصحاء به.

وتعد عملية الإسكات من الوراثة اللاجينية التي تعمل على إغلاق فعل الجين دون إجراء تحويرات على توالي القواعد النيتروجينية فيه.

وتستند هذه التقنية إلى قوة جزيئاتٍ صغيرة غير مُرمّزة من الحمض النووي الريبي، عادةً ما تعمل على إخماد النشاط الجيني. هذه الجزيئات التنظيمية التي تُعرَف باسم جزيئات بيوي-التفاعلية من الحمض النووي الريبي (يُطلَق عليها اختصاراً piRNAs)، تؤدي دوراً محوريّاً في إخضاع الطُّفيليات الجينومية.

تطبيقات علاجية واعدة

ويشير العلماء إلى أن تقنية piRNAs قد تكون لديها تطبيقات علاجية واعدة في المستقبل عبر إسكات الجينات المرتبطة بالمرض أو العناصر القابلة للنقل التي تسهم في تطور المرض بشكل انتقائي. ولقد اكتسب هذا النهج، المعروف باسم علاج تداخل الحمض النووي الريبي (RNAi)، قوة دفع كأداة قوية لتطوير الأدوية. أيضاً تمتلك piRNAs القدرة على العمل كمؤشرات حيوية لأمراض مختلفة، بما في ذلك السرطان حيث يمكن استخدامها للكشف المبكر ومراقبة المرض واستراتيجيات العلاج الشخصية.

إسكات الجينات المستهدَفة

في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، عمد الدكتور كريستيان ينسن، عالِم الوراثة وأستاذ العلوم البيولوجية المساعد، هو وزملاؤه إلى استخدام مسار هذه الجزيئات؛ كي يُخمِدوا عن قصدٍ نشاطَ الجينات المستهدَفة ذات الأهمية.

ومن خلال دراسة الديدان الأسطوانية التي تُعَدّ نموذجاً مختبرياً شائعاً في الأبحاث الوراثية، طَوَّر فريق ينسن تسلسلاتٍ صناعية للحمض النووي الريبي تتألف من 21 حرفاً، وقد تفاعلت تلك التسلسلات مع آلية جزيئات بيوي التفاعلية الطبيعية من أجل إسكات الجينات المستهدَفة.

ولإثبات صحة المفهوم، صمَّم الباحثون «جزيئات بيوي تفاعلية إرشادية» موجَّهة ضد اثنين من الجينات يلعبان دوراً في تحديد جنس الديدان، ومن ثَمَّ تمكنوا من الإخلال بنسبة الذكور إلى الإناث في النسل. وبالاستعانة بآلية التدخل بواسطة جزيئات بيوي التفاعلية، استطاعوا أيضاً إسكات الكثير من الجينات الأخرى بشكلٍ منفردٍ أو مُجمَّع.

يقول ينسن: «أَعَدْنا برمجة مسارٍ معروف بحراسة جينوم الكائن الحي. والتقنية التي نستخدمها بمثابة خطوة مهمة، نستطيع من خلالها تطبيق الهندسة الحيوية على كائنٍ حي بسيط تطبيقاً دقيقاً وقابلاً للتوسع في استخدامه».

ويُضاف إلى ذلك أنه استناداً إلى حقيقة أن مسار «الإسكات الجيني» نفسه موجودٌ لدى الإنسان، كما يعلِّق ينسن، فإنه «من المثير للاهتمام النظر في مسألة ما إذا كانت آلية التدخل بواسطة جزيئات بيوي التفاعلية يمكن أن يُستعان بها كعلاجٍ بشري محتمَل أَم لا».

في الواقع، تُستخدم بالفعل أدواتٌ أخرى لإسكات جينات محددة –من بينها أداة تدخل الحمض النووي الريبي التقليدية، وأداة التحرير الجيني القائم على تقنية التعديل الجيني (كريسبر CRISPR)– في علاج المصابين بالأمراض الوراثية، غير أن تلك الأساليب لا تعمل دائماً بكفاءة مع جميع الجينات المستهدَفة في الديدان.

و«كريسبر» هي تقنية تسمح بتعديل أجزاء من الجينوم بإزالة أو إضافة أو تعديل أجزاء من تسلسل الحمض النووي، وتتسم بالبساطة وسهولة استهداف مناطق التعديل المرغوب في تسلسل الحمض النووي.

توريث الذكريات

ويُوسِّع النهج الجديد الذي يتَّبعه فريق ينسن مجموعة الأدوات الجزيئية المستخدَمة بغرض التحكم في الجينات، كما يفتح الباب أمام إجراء أبحاثٍ أكثر تفصيلاً على الأنواع الحية التي تُستخدَم كنماذج مختبرية.

وقد طَوَّر الباحثون بوابةً إلكترونية تمنح العلماء في أي مكان إمكانية إعداد تصميماتهم الخاصة بالاعتماد على آلية التدخل بوساطة جزيئات بيوي التفاعلية.

جدير بالذكر أن أبحاث ينسن تركز على فَهْم الكيفية التي يتسنى بها توريث الذكريات قصيرة الأمد الجينية عبر الأجيال. ولذا، دَرَسَ فريقه كم من الوقت قد يدوم الإسكات الجيني المعتمِد على آلية التدخل بواسطة جزيئات بيوي التفاعلية، من الأبوين إلى الذُّرية، وفي الأجيال اللاحقة.

وقد اتضح أنه يمكن تعطيل نشاط جيناتٍ مختلفة لفتراتٍ زمنية متفاوتة، تتراوح من جيلٍ واحد إلى ستة أجيال، غير أنه قد يكون بمقدور الباحثين أيضاً أن يُطِيلوا أمد «الإسكات الجيني» إلى حد الديمومة عن طريق استنزاف مسار جزيئات بيوي التفاعلية من الحمض النووي الريبي كليّاً، وهو ما يُبيِّن ليس فقط كيف تكون نفس الآلية بحاجة إلى البدء أولاً، وإنما من أجل الحد من الحالة الوراثية اللاجينية.

ويدرس علم الوراثة اللاجينية أو «علم التخلُّق المتعاقب» اختلاف السمات الخلوية والفسيولوجية التي لا تحدث بسبب تغيُّرات في سلسلة الحمض النووي، وإنما بسبب العوامل الخارجية والبيئيّة التي تعمل على تنشيط الجينات أو تثبيطها، كما تؤثر على كيفية قراءة الخلية لتلك الجينات.

تقول الدكتورة مونيكا بريادارشيني، الباحثة في مختبر الدكتور ينسن، والتي طَوَّرَت آلية التدخل بوساطة جزيئات بيوي التفاعلية: «إن نُظُم الذاكرة قصيرة الأمد هذه مذهلةٌ. والأداة التي ابتكرناها ستساعدنا نحن والآخرين على فهم كيفية توريث هذه الذكريات اللاجينية، ومعرفة ما إذا كانت الكائنات الحية الأرقى على سُلم التطور، كالإنسان مثلاً، تمتلك نُظُماً مماثِلة أَم لا».

المسك. مسك الحدث من أوله, الأخبار لحظة بلحظة

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *