ترند اليوم: روسيا أطلقت صواريخ «كينجال» فرط صوتية على أوكرانيا
مسك- متابعات عبر الصحف الإلكترونية:
بعد أشهر طويلة من التوتر والصدامات الدبلوماسية والاتهامات والتهديدات، التي سادت العلاقات الفرنسية ـ الإيطالية منذ وصول جورجيا ميلوني إلى رئاسة الحكومة في إيطاليا، قررت باريس وروما تبريد الخلافات وفتح صفحة جديدة بين بلدين يعرفان جيداً أنهما محكومان بالتفاهم الذي يمليه الجوار الجغرافي، بقدر ما تفرضه المصالح الاقتصادية الضخمة التي تربط بينهما.
ولأن مفتاح العودة إلى سابق عهد الوئام بيد باريس، كان لا بد أن تتوجه رئيسة الحكومة الإيطالية إلى العاصمة الفرنسية، لكن بعد أن ضمنت برنامجاً لزيارتها يرقى إلى مصاف المواعيد الكبرى، وبعد أن تعزز موقعها الداخلي إثر الفوز الذي حققه حزبها في الانتخابات الإقليمية الأخيرة، وتجدد الخلافات العميقة بين أطياف المعارضة، وأيضاً بعد رحيل حليفها اللدود سيلفيو برلسكوني، الذي غالباً ما كانت تصريحاته ومواقفه من الحرب الدائرة في أوكرانيا تعكّر مياه العلاقات الإيطالية – الأوروبية، المضطربة أصلاً على أكثر من جبهة.
خصّت فرنسا ضيفتها بحفاوة لافتة، ولقاءات في «الإليزيه» وخارجه، وأكثر من لقاء مع الصحافة وممثلي الشركات الكبرى، وبيان مشترك يعيد إلى الأذهان ما كانت درجت عليه اللقاءات الفرنسية – الألمانية المشتركة عندما كان هناك شهر عسل متواصل بين باريس وبرلين.
لم يكن من السهل إعادة مياه العلاقات المتوترة إلى مجاريها بهذه السرعة، لكن الجهود الحثيثة التي بذلها الطرفان بعيداً عن الأضواء، منذ اللقاء الذي دار بين إيمانويل ماكرون وميلوني أخيراً، على هامش قمة الدول الصناعية السبع في هيروشيما، التي اضطرت رئيسة الحكومة الإيطالية إلى مغادرتها باكراً بسبب الفيضانات الكارثية التي ضربت شمال البلاد، أثمرت كثيراً من التحسن بالعلاقات، من دون أن تصل إلى تكريس مسار تشكيل المحور الفرنسي – الإيطالي، الذي تطمح إليه روما منذ سنوات بديلاً للمحور التقليدي، بين باريس وبرلين، لقيادة القاطرة الأوروبية.
كان واضحاً التوافق التام بين الطرفين حول الحرب الدائرة في أوكرانيا، على الرغم من أن ميلوني تواجه في هذا الملف معارضة واضحة من حليفها، زعيم حزب «الرابطة» ماتيو سالفيني، وتحفظات من بعض قيادات حزب «فورزا إيطاليا» الذي كان يتزعمه برلسكوني الصديق الحميم للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
لكن الانسجام التام، حسب مصادر دبلوماسية موثوقة، اقتصر على الملف الأوكراني، ولم يشمل الملفات الأخرى الشائكة، التي قرر الطرفان مقاربتها بما وصفه مسؤول إيطالي «براغماتية المصالح المشتركة»، التي تربط البلدين في عديد من المجالات الاقتصادية والأمنية.
لم تكن كافية حرارة اللقاءات والحفاوة البادية لوأد الحساسيات المتراكمة في العلاقات، التي تعود إلى ما قبل وصول ميلوني إلى رئاسة الحكومة، لكنها سمحت بوضع هذه العلاقات على سكة التوافق لمواجهة التحديات المشتركة، خصوصاً في إدارة ملف الهجرة الذي ما زال يقضّ مضجع الاتحاد الأوروبي العاجز منذ سنوات عن إنجاز ميثاق مشترك حول اللجوء، ويزرع الشقاق بين الدول الأعضاء، وتهدد نيرانه بإحراق ملفات أخرى.
لكن باعتراف الطرفين، نجح لقاء باريس في الاتفاق على قاعدة مشتركة تسمح بمقاربة هذا الملف في روح من التعاون والمسؤولية المشتركة، التي تصرّ عليها إيطاليا، واحترام المواثيق والتعهدات السابقة كما كانت تطالب فرنسا.
وكانت القمة الفرنسية – الإيطالية تزامنت مع كارثة المركب، الذي غرق قبالة السواحل اليونانية وعلى متنه مئات المهاجرين، ما دفع ميلوني إلى القول: «ما زال البحر المتوسط يشهد مزيداً من المآسي، وعلينا أن ننظم اللجوء والهجرة بمزيد من الفاعلية، ولا بد للتنسيق بين البلدين أن يستمر. لكن لا يمكن أن نقبل بأن الدخول إلى بلداننا تمليه المنظمات الإجرامية التي تتاجر بالمهاجرين». وأكدت ميلوني أن الحل المستديم يمرّ عبر مساعدة الدول الأفريقية لتمكينها من إعطاء مواطنيها فرصة ضمان حقهم في عدم الجنوح نحو الهجرة.
ماكرون حرص على أن تتجاوز تصريحاته الإطار الثنائي الراهن، إذ قال: «ما يهمني في المقام الأول هو الصداقة الفرنسية – الإيطالية التي تشوبها أحياناً الخلافات، لكن دائماً في إطار من الاحترام؛ لأنها تندرج في سياق تاريخي أوسع وأكبر منا وأعمق». وردّت ميلوني بقولها: «إيطاليا وفرنسا أمّتان تربطهما علاقات وثيقة، ومحوريتان في أوروبا، ومحكومتان بالتفاهم والتعاون، خصوصاً في مثل هذه المرحلة المضطربة».
صفحة جديدة فتحتها هذه القمة في العلاقات بين البلدين، لخّصتها إجابة ميلوني عن سؤال حول ما إذا كانت فرنسا خصماً أو حليفاً بالنسبة لإيطاليا، بقولها: «فرنسا شريكة لنا».
المسك. مسك الحدث من أوله, الأخبار لحظة بلحظة