ترند اليوم: فايدل وتشروبالا وجها اليمين المتطرف في ألمانيا
مسك- متابعات عبر الصحف الإلكترونية:
فايدل وتشروبالا وجها اليمين المتطرف في ألمانيا
منذ عام 2015، عندما بدأ مئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول إلى ألمانيا بعد إعلان المستشارة السابقة أنجيلا ميركل فتح الأبواب أمامهم، تحولت بعض البلدات الصغيرة في شرق ألمانيا، إلى بقع مظاهرات ساخنة ضد اللاجئين. من هذه البلدات بلدة زونيبيرغ، الواقعة في ولاية تورينجيا – وهي ولاية من ولايات ألمانيا الشرقية السابقة تتاخم ولايات بافاريا وهيسه من الشرق، وسكسونيا السفلى من الشمال الغربي. ومنذ جائحة «كوفيد – 19» وفرْض الحكومة الألمانية قيوداً لاحتوائها، تحولت زونيبيرغ مرة جديدة إلى مركز لمظاهرات ضد هذه القيود. ومجدداً، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، عادت البلدة نفسها لتحتضن مظاهرات تدعو لوقف دعم أوكرانيا واستئناف استيراد الغاز الروسي. بلدة زونبيبرغ «المشاغبة» نفسها انتخبت يوم الأحد الماضي أول رئيس بلدية ينتمي لحزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، هو روبرت زيسلمان، الذي يرفض الإدلاء بمقابلات صحافية ويصوّر نفسه على أنه «من الشعب». وشكلت هذه الانتخابات في واحدة من أصغر المقاطعات في ألمانيا بعدد ناخبين يقارب الـ48 ألفاً، زلزالاً سياسياً على مستوى البلاد كلها، لا لأهمية البلدة الصغيرة، بل بسبب الدلالات الأوسع للصعود السريع لليمين المتطرف.
حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف بات يتمتع اليوم، وفق استطلاعات الرأي بتأييد 20 في المائة من الناخبين الألمان، ليحل المرتبة الثانية خلف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين وسط)، ويتقدم على الحزب الديمقراطي (الاشتراكي) الحاكم. وتشير هذه الاستطلاعات إلى حصول الاشتراكيين على 19 في المائة فقط من التأييد في عموم ألمانيا.
في واجهة صعود الحزب هذا، زعيمان يقودانه بشكل مشترك هما النائبان أليس فايدل وتينو تشروبالا. وهما متقاربان في السن، إلا أنهما متناقضان إلى حد بعيد في حياتهما وخبراتهما، وإن كانا يتفقان تماماً على أسس اليمين المتطرف التي يقودان فيها الحزب – على ما يبدو – نحو انتصارات أخرى قادمة.
فايدل المثيرة للجدلبين «الزعيمين» اللذين يرأسان «البديل لألمانيا»، فإن أليس فايدل هي الأكثر جدلاً وتأثيراً. فالسيدة البالغة من العمر 44 سنة لا تنطبق عليها أي من «الأوصاف التقليدية» لزعماء اليمين المتطرف. فهي مثلية تعيش مع صديقتها السويسرية المتحدرة من أصول سريلانكية، وولديهما، في منزل عائلي في سويسرا تتنقل بينه وبين العاصمة الألمانية برلين حيث مقر عملها.
حياة فايدل الخاصة هذه تتناقض مع الكثير من «المبادئ» التي بني عليها الحزب الذي تتزعمه وتروّج هي لها. فهي مثلاً تعارض زواج المثليين، وعارضته عندما صوّت عليه «البوندستاغ» (مجلس النواب الاتحادي/ الفيدرالي) في يوليو (تموز) عام 2017، وذلك قبل أن تدخل هي وحزبها إلى المجلس في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، وكانت تلك المرة الأولى، التي يدخل فيها حزب يميني متطرف البوندستاغ منذ الحكم النازي.
وحقاً، تروّج فايدل في المقابل «لعائلة ألمانية تقليدية» تتألف من «أب وأم وأطفال». وتدعي أن هذا لا يمنع وجود أشكالاً أخرى من العائلات لكن من دون زواج. وأيضاً، يتناقض أسلوب حياتها وتنقلها بين دولتين كذلك مع مبادئ حزبها الذي يريد تشديد الإجراءات على الحدود بين الدول الأوروبية، بل حتى إغلاق الحدود لوقف تدفق اللاجئين وتنقلهم بين دول «اتفاقية شينغن». ثم أنها نفسها واجهت اتهامات بتوظيف لاجئ سوري بشكل غير شرعي مقابل تنظيف منزل عائلتها في سويسرا، ودفعت له نقداً من دون عقد عمل أو فواتير. ولقد نفت الأمر لاحقاً، وقالت إنها ساعدت العائلة على تقديم طلب لجوء وعرضت العائلة مقابل ذلك مساعدتها في المنزل كتعبير عن الشكر.
أكثر من ذلك، ولدت فايدل وكبرت في ولاية الراين الشمالي ووستفاليا، في غرب ألمانيا، التي لا تعد أبداً معقلاً لليمين المتطرف. وهي متعلمة بدرجات متقدمة، إذ إنها حاصلة على دكتوراه من جامعة بايرويت، وعاشت خمس سنوات في الصين حيث عملت في القطاع المصرفي، كما أنها تجيد اللغة المندرينية الصينية.
كراهية عميقة للأجانبكل هذا يجعل من علاقة فايدل باليمين المتطرف علاقة مستغربة وغير تقليدية. ومع ذلك، فإن أفكارها ومواقفها تؤكد ميولها المتطرفة وكراهيتها للأجانب. فقد سربت صحيفة «دي فيلت» عام 2013 رسائل إلكترونية قالت إنها مكتوبة بيد فايدل تصف فيها العرب في ألمانيا والغجر بأنهم «غرباء وليسوا أشخاصاً»، وهي تدعو لـ«الحفاظ على الوحدة الجينية»، وتحذر «من محو الثقافة» الألمانية.
ومع أن فايدل نفت أن تكون هي من كتب هذه الرسالة، فهي كرّرت خلال السنوات اللاحقة كلاماً يؤكد أفكارها الشديدة التطرف علماً أنها تُعد من الجناح المعتدل داخل حزبها. ففي عام 2018، علّقت على تغريدة للشرطة الألمانية نشرتها كذلك باللغة العربية، تقول: «العام يبدأ بسلطات تستسلم للعصابات التي ترفع السكاكين وتضرب وتتحرّش… الشرطة الألمانية تتواصل باللغة العربية، مع أن اللغة الرسمية في ألمانيا هي الألمانية».
من ناحية أخرى، عندما تركت فايدل القطاع البنكي لتنضم إلى حزب «البديل لألمانيا» عام 2013، فوجئ عدد كبير من زملائها السابقين الذين عملوا معها في إحدى كبرى الشركات المالية. وكتبت مجلة «در شبيغل» آنذاك أن زملاءها مذهولون، ويتناقلون أشرطة الفيديو التي تتحدث فيها بعد انضمامها للحزب المتطرف مع سؤال: «ما الذي حصل لأليس؟»… و«من هي أليس الحقيقية؟ سيدة الأعمال أو يمينية متطرفة شعبوية؟».
فتش عن «اليورو»!أما هي فتقول إن أول ما جذبها إلى الحزب معارضته لـ«اليورو» (العملة الأوروبية الموحّدة)، ولذا انضمت إليه. والواقع أن الحزب عندما أسس عام 2013 لم تكن هناك أزمة لاجئين في ألمانيا، وانطلق الحزب فعلاً على أنه معارض لـ«اليورو» وداعياً لطرد الدول المثيرة للمشاكل المالية من الاتحاد الأوروبي آنذاك، كاليونان. ثم إن الحزب أسس حقاً على أيدي ألكسندر غولان وبرنت لوكه، وهما سياسيان كانا ينتميان للاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي كانت ترأسه أنجيلا ميركل آنذاك، وكان السبب معارضتهما لسياسة ميركل والاتحاد الأوروبي من الأزمة المالية التي هزّت منطقة «اليورو».
ولكن، في عام 2015، وجد الحزب صوتاً جديداً له مع استغلاله القلق الشعبي من دخول مئات آلاف السوريين، فتبنى خطاباً شعبوياً معادياً للاجئين والمسلمين. ونجحت هذه الاستراتيجية وأدخلته البرلمان للمرة الأولى عام 2017 كأكبر حزب معارض آنذاك. ودخلت فايدل حينذاك إلى البوندتساغ على رأس لائحة الحزب وغدت زعيمة الكتلة الحزب النيابية منذ ذلك الحين، وقادت الحزب مع مؤسسه ألكسندر غولاند حتى تنحيه عام 2019 واختيار تشروبالا مكانه في عام 2019.
تشروبالا شخصية مختلفة
مقارنة بفايدل، لا يتناقض تينو تشروبالا بسيرته مع صفات الزعيم اليميني المتطرف مع أنه في بدايات انخراطه بالسياسة مطلع التسعينات كان في جناح شباب الديمقراطيين المسيحيين. بيد أنه لم يبقَ في الحزب العريق طويلاً، بل غادره عام 1992، مما يعني أنه ظل عضواً لسنتين فقط. وفي عام 2015 انضم تشروبالا إلى «البديل لألمانيا» الذي كان أُسِّس قبل سنتين من ذلك التاريخ. ووفق تصريحاته، فإنه انضم للحزب أيضاً لمعارضته «اليورو» وأزمة اللاجئين بشكل أساسي.
تينو تشروبالا ولد في عام 1975 في مقاطعة كوتبوس بألمانيا الشرقية عندما كانت تحت حكم السوفيات، مما يعني أنه ولد وكبر تحت الحكم الشيوعي. وبعد المدرسة أكمل دراسته في معهد مهني بمدينة درسدن ليتخرّج دهّاناً. وانطلق بعد ذلك ليؤسس شركته في الدهان ويعمل في المنطقة نفسها التي كبر فيها، حيث يعيش مع زوجته وأولاده.
قبل أن ينضم لـ«البديل لألمانيا»، نشط تشروبالا ضمن تحرك «بيغيدا»، الذي أسس في نهاية عام 2014 «ضد أسلمة أوروبا»، وبدأ بتنظيم مسيرات كبيرة في عام 2015 مستفيداً من أزمة اللاجئين السوريين. وفي حينه، تورط مؤسس التحرك لوتز باخمان بفضيحة إثر تصويره وهو يؤدي التحية الهتلرية المحظورة في ألمانيا، مما دفع لإقالته من التنظيم قبل أن يعود إليه.
وبعد انضمامه إلى «البديل لألمانيا» انخرط سريعاً في القيادة المحلية للحزب، وانتخب رئيساً للحزب في مقاطعة غورليتنز في بولايته سكسونيا. وفي عام 2017 فاز بمعقد في البوندستاغ بعد تقدمه على منافسه الديمقراطي المسيحي ميكايل كريتشمار. وبعد سنة من فوزه بقيادة الحزب بشكل مشترك مع فايدل، خرجت تقارير تفيد تؤكد بأن الاستخبارات الداخلية في ولاية ساكسونيا تجمع معلومات عنه للاشتباه بتورطه بتحركات مخالفة للدستور تتعلق بالأفكار الشديدة التطرف. وكانت الاستخبارات الداخلية العامة في ألمانيا قد ذكرت تشروبالا بالاسم في تقرير لها عن حزب «البديل لألمانيا» مهَّد لوضع الحزب بعد سنتين تحت المراقبة للاشتباه بترويجه لما يمكن أن يهدّد الدستور. واستند تقرير الاستخبارات لمقابلة أدلى بها تشروبالا على «يوتيوب» ليميني متطرف يدعى نيكولاي نيرلينغ مُدان بإنكاره «المحرقة النازية»، وهي جريمة بحسب القانون الألماني.
العلاقات مع روسياوفي حين يميل اليمين المتطرف في ألمانيا للدفاع عن روسيا، فإن علاقة تشروبالا بموسكو تذهب بعيداً حتى أنها أصبحت إشكالية داخل حزبه. فهو كان من المشاركين في احتفال بالسفارة الروسية في مايو (أيار) الماضي لإحياء «يوم النصر»، مع غولان الذي أورثه منصب زعامة الحزب. وإلى جانبهما، حضر بعض السياسيين من حزب «دي لينكا» اليساري المتطرف والمستشار الأسبق غيرهارد شرودر الذي حاول الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) طرده من صفوفه لعلاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبقائه في مجلس إدارة شركتي «نورد ستريم» و«روسنفط» الروسيتين بعد الحرب في أوكرانيا.
وحقاً أشعلت مشاركة تشروبالا في احتفال السفارة الروسية جدلاً كبيراً داخل الحزب، بين جناحيه «الشرقي» و«الغربي»، وأظهر الاختلافات الواضحة بين أعضاء الحزب من الشرق المؤيدين لعلاقة قريبة مع روسيا، وأولئك من الغرب الرافضين لها. وخرجت حتى دعوات لإقالة تشروبالا من منصبه لقربه من موسكو، في نقاشات داخلية تداولتها صحف ألمانية. وبالفعل، تشروبالا من المروّجين لرفع العقوبات عن روسيا واستئناف استيراد الغاز منها، وهو من المشككين الدائمين بالولايات المتحدة التي اتهمها بالوقوف خلف تفجير أنابيب «نورد ستريم». وكرّر في الماضي وصف رؤسائها بـ«مجرمي حرب»، وهو وصف رفض إلصاقه ببوتين.
من جهة ثانية، يحمل تشروبالا أفكاراً شديدة التطرف حيال المهاجرين، ودائماً ما يصوّر اللاجئين والمهاجرين على أنهم مجرمون. ولقد تورّط غير مرة باستخدام تعابير نازية نفى تكراراً أن يكون قد قصدها. وبعد مقتل الأميركي الأفريقي جورج فلويد على يد رجل شرطة أبيض، كتب تشروبالا على «تويتر» بأن هذا يظهر «النهاية التي تؤول إليها الدول ذات التعددية الثقافية».
أيضاً، يقف تشروبالا على أقصى اليمين المتطرف فيما يتعلق بعلاقة ألمانيا بالاتحاد الأوروبي. وبينما تدعو فايدل – شريكته بزعامة الحزب – لخروج ألمانيا من العملة الموحدة «اليورو»، يطالب تشروبالا بخروج ألمانيا كلياً من الاتحاد الأوروبي. ويبرّر ذلك بـ«سياسة هجرة مضللة» يعتمدها الاتحاد.
جناحا الشرق والغرببالمناسبة، رغم الاختلافات بين الزعيمين اليمينيين المتطرفين فهما مختاران ليمثلا جناحي الحزب في شرق ألمانيا وغربها. ومع أن تطرف تشروبالا الشديد دفع بعدد من أعضاء الحزب إلى مغادرته، فإنه باقٍ في منصبه لأنه يحاكي الناخبين في الولايات الشرقية حيث يحقق اليوم «البديل لألمانيا» نتائج غير مسبوقة وقد ينجح بالفوز في الانتخابات المحلية التي ستجرى في 3 ولايات شرقية خلال العام المقبل، وللعلم، تضعه استطلاعات الرأي في الطليعة. ولكن رغم ذلك، فإن الفوز قد يخلق «إشكاليات» إضافية للحزب المتطرف لأن كل الأحزاب المعتدلة الأخرى ترفض الدخول في تحالفات معه، مما دفع البعض للتحذير من أن الولايات الشرقية في ألمانيا قد تصبح «غير قابلة للحكم» قريباً.
هل بات حزب «البديل لألمانيا» تهديداً مباشراً للاستقرار؟
خلال سنة واحدة، حقق حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف تقدماً وصفه بعض الخبراء بـ«المخيف» خاصة في الولايات الألمانية الشرقية. وعلى مستوى البلاد ككل، أظهرت آخر استطلاع للرأي نشرته صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الأحد الماضي، مضاعفة الحزب اليميني المتطرف لأصواته مقارنة بالعام الماضي، وحصوله على 20 في المائة من نسبة أصوات الناخبين، مما يضعه في المرتبة الثانية بعد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي حصل على 26 في المائة من نسبة التأييد.
بذا يكون «البديل لألمانيا» الذي لم تكن نسبة مؤيديه قبل سنة تتعدى الـ10 في المائة، قد عادل تقريباً الحزب الديمقراطي الاجتماعي (الاشتراكي) الحاكم الذي حصل وفق الاستطلاع نفسه الذي أجراه معهد «إينسا». أما حزب «الخضر» المشارك في الحكومة فانخفضت نسبة تأييده إلى 13 في المائة. وبشكل عام انخفض التأييد للحكومة التي تضم 3 أحزاب هي، إضافة لـ«الاشتراكيين» و«الخضر»، «الحزب الديمقراطي الحر» (الليبرالي)، من 51 في المائة في العام الماضي إلى 40 في المائة فقط اليوم.
نتيجة هذا الاستطلاع دفعت بزعيم الحزب المتطرف تينو تشروبالا للتعليق على «تويتر» متباهياً: «هذه ليست إلا البداية!». وبالفعل، توحي استطلاعات أخرى مركّزة على الولايات الشرقية بأن تقدّم «البديل لألمانيا» فيها أكبر بكثير. وتواجه 3 ولايات شرقية العام المقبل انتخابات محلية تشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب المتطرف سيفوز فيها.
وجاء هذا في وقت نشرت جامعة لايبزيغ الألمانية دراسة تؤكد فيها تزايد «الإسلاموفوبيا» ومعاداة السامية وكره الأجانب في كل الولايات الألمانية الشرقية الخمس، وهي: سكسونيا وسكسونيا أنهالت وثورينجيا وبراندنبرغ وماكلنبرغ – بومرانيا الخارجية. وبحسب الدراسة فإن نصف الذين شاركوا في الاستطلاع يريدون فرض حظر على هجرة المسلمين إلى ألمانيا، وقرابة الـ70 في المائة منهم يؤيدون ادعاءات معادية للأجانب تزعم أنهم يأتون إلى ألمانيا لاستغلال نظام الرعاية الاجتماعي. ثم إن رُبع المُستطلعة آراؤهم بحسب الجامعة، يرون أن تأثير اليهود ما زال كبيراً.
الجامعة، ومقرها مدينة لايبزيغ العريقة في ألمانيا الشرقية السابقة، اختارت إجراء الاستطلاع في الولايات الشرقية بسبب تاريخها وعيش سكانها تحت الحكم السوفياتي بين 1949 و1990، عندما انضمت الولايات الشرقية إلى الغربية فيما يعرف بالوحدة الألمانية. غير أن الدراسة استنتجت أن سكان الولايات الشرقية لم يغيروا أفكارهم السياسية كثيراً خلال العقود الثلاثة الماضية منذ الوحدة. ورأت أن «عقلية المؤامرة» ما زالت منتشرة بشكل واسع، وكذلك الرغبة بأنه يكون هناك «دول أوتوقراطية» كما كانت أيام الشيوعية.
وفي الاستطلاع، أجاب 33 في المائة من المشاركين بأنهم يؤيدون «وصول قائد إلى ألمانيا يحكم بيد من حديد لصالح الجميع»، مما دفع أصحاب الدراسة للاستنتاج بأن أفكار النازية الجديدة منتشرة على صعيد واسع في تلك الولايات.
هذا، وكانت قد تزايدت خلال الأشهر الماضية الاعتداءات على دور اللاجئين، وعلى مَن هم من أصول مهاجرة في تلك الولايات التي تنظم بشكل دوري مظاهرات ومسيرات معارضة للاجئين، ومعارضة لدعم أوكرانيا، ومؤيدة لإعادة العلاقات كما كانت مع روسيا. وبحسب الدراسة، فإن كل هذا يجعل خطاب حزب «البديل لألمانيا» خطاباً جذاباً في الولايات الشرقية. وربما أكثر ما يثير القلق في تلك الدراسة، إشارة الباحثين إلى أن الحزب «لم يستنفد كامل طاقته بعد، إذ إن عدداً كبيراً من مؤيديه لم يصلوا بعد إلى السن القانونية التي تتيح لهم التصويت في الانتخابات».
في هذه الأثناء، بدأت «هيئة حماية الدستور»، كما تعرف الاستخبارات الألمانية الداخلية في ألمانيا، بمراقبة الحزب المتطرف في عام 2021 مما يعني أنها قادرة على تتبع أعضائه والتجسس عليهم من دون طلب إذن مسبق من المحكمة. وجاء هذا التطور بعدما أثبتت «الهيئة» وجود نزعة لدى أفراد داخل الحزب للترويج لأعمال وأفكار مناهضة للدستور.
المسك. مسك الحدث من أوله, الأخبار لحظة بلحظة
اكتشاف المزيد من المسك
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.