Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أخبار عاجلة

كابادوكيا.. مدينة تركية منحوتة في الجبال

المسك- متابعات عاجلة:

مدينة كابادوكيا، مدينة تركية عريقة، يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، تعاقبت عليها حضارات عديدة، وتضم مجموعة من مراكز الإرث الحضاري التي أدرجت في لائحة التراث الثقافي العالمي لليونسكو.

تتميز ببيوتها وكنائسها المنحوتة في الجبال، وبلداتها المبنية تحت الأرض، وبظاهرة مبهرة عُرفت بـ”مداخن الجنيات”، واشتهرت بالمناطيد الملونة التي تزين سماءها.

الموقع

تقع مدينة كابادوكيا التابعة لولاية نيفشيهر شرق الأناضول وسط تركيا، إلى الشمال من جبال طوروس، وهي منطقة صخرية تشكلت على هضبة واسعة بفعل تراكم الرماد والحمم البركانية التي نتجت عن ثورات بركانية قديمة حدثت منذ ملايين السنين، وخضعت لاحقا لعمليات الحتّ -التعرية- فشكلت أبراجا وأشكالا مخروطية ووديانا وكهوفا.

ومنطقة كابادوكيا تضم عددا من البلدات هي أوشيسار وجوريم وأفانوس وأورغوب وديرينكويو وكايماكلي وإيلارا والمناطق المحيطة بها، وبلغ عدد سكانها عام 2022 حسب الإحصاءات المحلية 155 ألفا و145 نسمة.

المناخ

يسود المدينة المناخ القاري، الذي يوصف بأنه حار جاف صيفا، وقارس البرودة شتاء. وتتساقط الأمطار غالبا في فصلي الربيع والخريف، وتعد أبرد شهور السنة ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، وأشدها حرارة يوليو/تموز وأغسطس/آب.

التسمية

يعد أصل كلمة كابادوكيا من الموضوعات المثيرة للجدل، فيعتقد بعض الباحثين أنها مشتقة من اسم الإله “خبات” (Khepat) حيث سميت المنطقة التي يعبد فيها هذا الإله “خباتوكا” (أرض شعب خبات)، بينما يرى آخرون أن الاشتقاق جاء من اسم ابن الملك الآشوري “كبادوكس” (Kapadoks).

وقد استخدم الميديون كلمة كابادوكيا لأول مرة، بينما كانت تسمى خلال الفترة الفارسية “كاتباتوكا” (Katpatuka) ويبدو أن هذا النطق أخذ به الهيلينيون أيضا.

ومن المشهور أيضا أن كلمة “كابادوكيا” تعني أرض الخيول الجميلة، لما عُرفت به المدينة من تربية الخيول.

بلدة قديمة فيها قلعة أوشيسار التي حفرت في الجبال بكابادوكيا (شترستوك)

التاريخ

تعود أقدم آثار المستوطنات البشرية في “كابادوكيا” إلى العصر الحجري الحديث، أما أقدم الوثائق التي تصف التاريخ المكتوب الحقيقي للأناضول فهي “ألواح كابادوكيا”، التي تعود إلى المستعمرات التجارية الآشورية التي قامت حوالي سنة 3000 قبل الميلاد.

وتشير بعض المصادر إلى أن “الحِثيين” (شعب الأناضول) أيضا سكنوا المنطقة في تلك الفترة، ثم سيطروا عليها منذ عام 1750 قبل الميلاد ويعدون من أقدم الشعوب التي سكنت المنطقة.

كان يطلق على المنطقة في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد “أرض حثّى”، واستمر حكم الحثّيين إلى عام 1200 قبل الميلاد، حيث تعرضت المنطقة لموجة هجرات من قبائل قادمة من بحر إيجة والقوقاز كالفريجيين والليديين والسومريين والسكوثيين، بالإضافة إلى الفرس الذين قدموا من الشرق.

الحكم الفارسي

استمر الصراع بين القبائل المتناحرة، التي كانت تتداول السيطرة على المنطقة، حتى استقر الأمر للفرس، فدمّروا كلا من الدولة الليدية والإمارات الفريجية واستولوا على “كابادوكيا”، وبنوا المعابد المخصصة لإله النار وأقاموا شعائرهم.

الحكم المقدوني ومملكة كابادوكيا المستقلة

اجتاح الإسكندر المقدوني دولة الفرس واستولى عليها، فدخلت كابادوكيا حينئذ تحت الحكم المقدوني الذي لم يستمر سوى 3 أشهر، إذ لم يرحب السكان المحليون كثيرا بالغزاة الجدد، فانفصلوا عن مقدونيا، وأنشؤوا مملكة كابادوكيا المستقلة عام 334 قبل الميلاد، والتي عاشت في سلام حتى وفاة الإسكندر، ثم دخلت في صراع مع الدولة المقدونية التي كانت تسعى لضم كابادوكيا إليها من جديد.

الحكم الروماني والبيزنطي

تعرضت المملكة للغزو من جهات عدة، فضعفت واهتز عرشها، واضطرت للخضوع للحكم الروماني عام 17ميلادي في عهد الإمبراطور تيبيريوس. وتوسعت كابادوكيا في العهد الروماني وامتدت حدودها إلى سامسون في الشمال، وكيليكيا في الجنوب، والبحيرة المالحة في الغرب، وشاطئ الفرات في الشرق.

بدأت المستوطنات المسيحية الأولى في المنطقة في عهد القديس بولس الذي قاد حملات تبشيرية فيها، ومرت السنوات الأولى للمسيحية تحت ضغوط شديدة من الدولة الرومانية الوثنية، ثم بدأ عهد جديد بقبول الإمبراطور قسطنطين للمسيحية، ومع تقسيم الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين عام 395، دخلت كابادوكيا تحت حكم الدولة الرومانية الشرقية (البيزنطية).

أصبحت كابادوكيا واحدة من المراكز الأسقفية في الأناضول، حيث قدّم ثلاثة من اللاهوتيين الكابادوكيين مساهمات مهمة في الفكر المسيحي في كتاباتهم وهم باسيل الكبير وغريغوريوس النيصي وغريغوريوس النزينزي، كما توسعوا في عقيدة الثالوث، وأسس القديس باسيليوس الكنائس والأديرة الصخرية.

وبحلول القرن الـ6 تم تحويل اللغة الرسمية إلى اللغة اللاتينية اليونانية وهي لغة الكنيسة، وأصبح الدين واللغة عاملين موحدين في الإمبراطورية الرومانية الشرقية.

حديقة غوريم الوطنية أحد المواقع التي أدرجت ضمن التراث العالمي لليونسكو (شترستوك)

فترة الحكم التركي

استقرت العديد من قبائل الأوغوز في المنطقة، وبدأت المستوطنات التركية تتشكل جنبا إلى جنب مع القرى اليونانية المحلية في الفترة الواقعة تحت حكم الدانشمنديين (قبائل تركمانية) في الفترة ما بين عام 1086 و1175.

لاحقا دخلت كابادوكيا تحت سيطرة سلاجقة الروم عام 1175، حيث أقاموا فيها أول دولة تركية إسلامية في الأناضول، وقد أدى تأسيسها إلى تغيير الواقع التاريخي للمنطقة بعد أن تأثرت بصبغة إسلامية تركية سادت عليها.

عانت كابادوكيا خلال الفترات السابقة من الهجمات الصليبية التي تصدى لها الدانشمنديون والسلاجقة.

وعلى إثر هزيمة السلاجقة على يد المغول في معركة “جبل كوسه” (Köse Dağ) عام 1243، بدأت هيمنة المغول الذين استخدموا المنطقة قاعدة لهم، وعلى الرغم من إبقاء السلطان السلجوقي شكليا، كانت الدولة السلجوقية في الحقيقة تحت التبعية المغولية، وقد سعى المغول في تخريبها، وقاموا بعمليات قتل ونهب وساءت الأوضاع العامة.

كانت معركة “جبل كوسه” بداية انهيار الدولة السلجوقية التي انتهت كليا عام 1318، وخلفت وراءها عددا من الإمارات المستقلة، التي دخلت في حرب طويلة الأمد مع الدولة العثمانية، ودخلت الأطراف المتناحرة في حالة كر وفر حتى تم ضم كابادوكيا إلى الأراضي العثمانية عام 1466.

عاشت كابادوكيا السنوات الأولى من الحكم العثماني في سلام وهدوء، واستمر هذا الوضع حتى طلب السلطان سليمان القانوني إجراء إحصاء جديد للأراضي لزيادة إيرادات الخزينة، عندها قام بعض الحكام المحليين بفرض ضرائب باهظة مما أدى إلى قيام حركة تمرد عرفت بـ”ثورات جيلالي”.

قام الصدر الأعظم إبراهيم باشا بتغيير اسم المقاطعة إلى “نفيشهير” عام 1725، كما قام بعملية إعمار عامة أدت لازدهار المنطقة، حيث تم بناء المطابخ والمساجد والمدارس والنوافير.

مدينة ديرنكويو أو مدينة الجن، مدينة كهفية قديمة متعددة المستويات في كابادوكيا بنيت بالكامل تحت الأرض (شترستوك)

العهد الجمهوري

بعد سقوط الخلافة العثمانية وإعلان الجمهورية التركية الحديثة عام 1923 أصبحت كابادوكيا من أهم المدن التابعة لولاية نفيشهير، ووفقا لمعاهدة لوزان التي دخلت حيز التنفيذ عام 1924 رُحّل المسيحيون الأتراك الذين عاشوا بسلام في بلادهم في ظل الحكم الإسلامي إلى اليونان، وحل محلهم مسلمون من شمال اليونان ومقدونيا، لا يجيد بعضهم التركية، فتغيرت التركيبة الثقافية للسكان.

السياحة

تعد كابادوكيا واحدة من أهم مراكز السياحة الثقافية والدينية في العالم لتميزها الجيولوجي وغناها التاريخي والثقافي، وتشتهر ببيوتها وكنائسها وفنادقها الضخمة المنحوتة داخل الكهوف والصخور الجبلية، كما تعرف المدينة بالمناطيد الملونة التي تزين سماءها.

ومن أهم المعالم السياحية:

مداخن الجنيات

تعد من أهم عوامل الجذب السياحي في المدينة، وهي عبارة عن ظاهرة طبيعية مبهرة، تتخذ أشكالا مخروطية تعلوها صخور نحتت لتشبه الفطر، تكونت بفعل الثورات البركانية التي خلفت طبقات سميكة مختلفة الصلابة، ومع مرور السنين تعرضت لعوامل التعرية، حيث ظلت المقاطع المقاومة للتآكل كأشكال صاعدة تشبه المدخنة.

الكنائس والأديرة المنحوتة في الصخر

تشتهر أديرة وكنائس كابادوكيا بطابعها التاريخي المميز، ولوحاتها الجدارية التي بقيت صامدة رغم مرور قرون من الزمن.

ويضم “متحف غورمه” المفتوح الذي أدرج في لائحة التراث الثقافي العالمي لليونسكو عام 1985 مجموعة من الكنائس والأديرة الصغيرة التي يعود تاريخها إلى الفترة الواقعة ما بين القرن الـ7 والـ12 الميلادي، وتتميز هندستها الداخلية بالبساطة، ورسوم الفسيفساء الملونة التي تزين جدرانها وأسقفها.

وكذلك كنائس “كرانليك” و”توكالي” و”إلمالي” و”القدّيسة باربرا” و”سانت باسيل” التي تحتوي على رسوم ترجع إلى العقود الأولى من انتشار المسيحية في منطقة الأناضول.

وتضمّ الكنائس مجموعة فريدة من اللوحات الجدارية التي تجسّد حكاية المسيحية، وفي مقدمة هذه اللوحات والجداريات تلك التي تعرف باسم “الولادة” و”المعمودية” و”الدخول إلى القدس” و”رحلة إلى بيت لحم” و”عبادة المنجمين الثلاثة” و”قيامة عازر” و”العشاء الأخير” و”اليسوع على الصليب” و”كرم النبي إبراهيم”.

فنادق في كابادوكيا منحوتة من الحجر الصخري لتشبه الكهوف التي تتميز بها المدينة (شترستوك)

مدن مبنية تحت الأرض

تضم كابادوكيا العديد من المدن المبنية تحت الأرض، اتخذها السكان القدماء ملجأ أثناء الصراعات والحروب الكثيرة التي مرت بها المنطقة، وتمتد هذه المدن على مساحات واسعة، وتتكون من عدة طوابق قد يبلغ بعضها 8، وتشتمل على مساكن ودور عبادة وتجاويف دفن وحظائر للماشية ومطابخ ومصانع نبيذ وآبار وأعمدة للتهوية وغير ذلك مما يحتاجه الإنسان للإقامة لفترات طويلة، منها: “ديرينكوبو” و” كايماكلي” و”غازي أمير”.

المسك. مسك الحدث من أوله, الأخبار لحظة بلحظة

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي ليصلكم الحدث في وقته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى